احتفل متحف بيروت للفن الحديث والمعاصر("بِما") اليوم الخميس في فيلا عودة بمحطّتَين بارزتَين في مسيرته الثقافية والتعليمية، أولاهما الذكرى العاشرة لبرنامجه الريادي "مسارات إبداعية" Creative Pathways ، والثاني إطلاق مبادرة "الفنون الجوّالة" Arts ambulants، التي تنقل الفن خارج جدران المتاحف إلى الفضاء العام.
وافتتح هذا المعرض المزدوج بحضور السيدة الأولى نعمت عون ووزير الثقافة غسان سلامة وعدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين والشركاء مؤسّسي المتحف.
السيدة الأولى
وأعربت السيدة الأولى بعد جولتها في أرجاء المعرض عن تقديرها هذه المبادرة، شاكرةً لمتحف “بِما” ووزارتي التربية والثقافة وإدارات المدارس "ثقتها وإيمانها بالتلاميذ وتمسّكها بقيمنا".
وأضافت: “صحيح أننا أطلقنا مدرسة المواطنية، لكنني على يقين بأنكم ستجعلون هذه المدرسة راسخة بمحبتكم وإيمانكم ومثابرتكم(..). أشكر لكم حبكم للإبداع، لأنه الرسالة الأولى لبناء السلام الذي يجمع الجيل الجديد ويجعله يحب الآخر ويحترمه ويتقبّله”.
كذلك شكرت مديري المدارس الذين "حوّلوا هذا المعرض إلى مساحة للإبداع تتخطّى حدود المكان لتشمل مساحة الوطن كله".
وتوجّهت إلى تلاميذ المدارس الرسمية المشاركة في المعرض قائلة: “على الرغم من التحديات والظروف التي تواجهونها في محيطكم الخاص وفي عائلاتكم، ما زلتم تحتفظون بحسّ الإبداع”. وخاطبتهم بالقول آمنوا بأنفسكم وبأحلامكم، فأنتم الحاضر، وأنتم من سيصنع المستقبل الذي سيكون جميلاً مثلكم".
مدير عام وزارة التربية
ورأى المدير العام لوزارة التربية فادي يرق أن شراكة الوزارة مع "بِما" تشكل "نموذجاً وطنياً رائداً في التّعاون بين القطاع العامّ والمؤسّسات الثّقافيّة، بما يضمن فرصاً تعليميّة نوعيّة لتلامذتنا خارج الإطار التّقليديّ للتّعلّم."
وأضاف أن "المتحف، بما يقدّمه من خبرة وفن وتراث، يتحول إلى فضاء تربوي يعمّق التجربة التعليمية، ويُسهم في بناء ثقافة فنية راسخة لدى الجيل الناشئ".
وأكد أن ا وزارة التّربية والتّعليم العالي مستمرة "في دعمها لكلّ مبادرة تربويّة وثقافيّة (...) وفي مقدّمتها شراكتنا مع "بما"، رافدًا أساسيًّا في مسيرة تطوير التّربية في لبنان".
وأوضح المتحف في بيان له أن "هذين المشروعين المختلفان، ولكن المتكاملَين، يجسّدان الرسالة الاساسية لمتحف بيروت للفن، وهي جعل الفن متاحا للجميع ولغة حية محفزة للتعليم والذاكرة الجماعية والتحول الاجتماعي".
خلف
من جهتها، شدّدت جوليانا خلف، المديرة المشاركة في متحف “بِما”، على أهمية هذه “المبادرة المتنقّلة واللامركزية التي تضمن حضور الفن في مختلف المناطق اللبنانية، وتساهم في جمع اللبنانيين عبر الإبداع والحوار”.
وأوضحت أن هذا المعرض يركّز بشكل خاص "على المجموعة الوطنية التابعة لوزارة الثقافة، التي هي بمثابة التراث الجماعي للبنان، وهي مجموعة تُعرَض للمرة الأولى أمام الجمهور، فيما يعمل متحف “بِما” على ترميمها وإعادتها إلى اللبنانيين".
وختمت مؤكدة أن هذه المجموعة “ستغدو أخيراً جزءاً من التجربة الثقافية لكل فرد، كما كان يجب أن تكون دائماً".
عشر سنوات من "مسارات إبداعية": الفن كأداة للتعليم والتحول
وذكّر المتحف بأن برنامج "مسارات إبداعية" وُلِد في العام 2017 بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي "موفّراً أداة جديدة في المدارس الرسمية اللبنانية يتقاطع فيها الفن مع التعليم، من خلال أعمال فنية تشكيلية من مجموعة وزارة الثقافة، عهدت بترميمها وعرضها وحمايتها إلى متحف بيروت للفن الحديث والمعاصر بموجب اتفاق تعاقدي، بعدما كانت تعرضت للتلف بسبب سوء تخزينها".
ولاحظ أن إدماج "مسارات إبداعية" في صلب المناهج الدراسية في المدارس الرسمية "أدى إلى تحويل الإرث الفني الوطني إلى فصل دراسي نابض بالحياة، شارك فيه خلال عشرة أعوام آلاف التلاميذ والمعلمين، فساهم في تدريبهم على التفكير وتشجيعهم على الابتكار".
وشرحَ أن معرض "زيك زاك زوم" المستوحى من أعمال الفنانة اللبنانية هيلين الخال "يُبرز خيال التلاميذ المشاركين في برنامج مسارات إبداعية وأحاسيسهم وتنوع أساليبهم التقنية في الرسم".
وقالت المديرة المشاركة لمتحف "بِما" تالين بولاديان: "نطمح إلى أن نُظهر أن المتحف يُمكن أن يكون بمثابة فصل دراسي بلا جدران".
وعلّقت ساندرا أبو ناضر التي شاركت في تأسيس المتحف قائلةً: "من خلال ربط المجموعة الوطنية بالتعليم العام، نُوفر للطلاب أدواتٍ لاكتشاف أنفسهم وتاريخهم وهويتهم".
إطلاق برنامج "الفنون الجوّالة"
وأيماناً من متحف "بما" برسالته في جعل الفن في متناول الجميع، افتتح أيضًا معرض "مناظر متحركة" في فيلا عودة. يُمثل هذا الحدث الإطلاق الرسمي لبرنامج "الفنون الجوّالة" الجديد، الذي "يُعيد صوغ مفهوم التفاعل الثقافي من خلال نقل الفن إلى أماكن الحياة اليومية ومساحات التلاقي"، وفقاُ لبيان المتحف.
أقيم معرض "مناظر متحركة" للمرة الأولى في قصر بيت الدين من 3 تموز حتى 19 تشرين الثاني 2025، بالشراكة مع المجلس الثقافي البريطاني في لبنان، ويزين جدران فيلا عودة في بيروت ابتداء من 12 كانون الأول من الشهر الجاري ويستمر إلى 24 شباط 2026، قبل أن يُكمل جولته في مناطق أخرى.
وأشار البيان إلى أن هذا "المعرض الذي أعدته المديرة الفنية لمتحف "بما" كليمانس كوتار وحوّله كمال عون إلى هيكل متحرك، يُعيد النظر في مفهوم المناظر الطبيعية، بحيث لا يكون مجرّد منظر، بل يشكّل بنية ثقافية وعلمية وتاريخية".
وأفاد بأن "المعرض يتمحور على أربعة مواضيع رئيسية هي الجيولوجيا والنباتات والسماء والطبيعة البشرية، ويمزج الفن الحديث والمعاصر بالبحث العلمي، مستكشفًا التحولات البيئية والاجتماعية في حوار بين الأجيال".



