جاهرت برأيها ايماناً منها بحرية الرأي والتعبير واضعة الاصبع على نزف النظام القامع، فكان نصيبها السجن ووضعها في مستشفى للأمراض العقلية. ربما هي المجنونة نهاد نون في مسرحية "مجنون يحكي" بعدما حلقت شعرها "عالزيرو" لكنها حتماً المبدعة الممثلة ندى ابو فرحات التي جسدت دورها بإتقان أمام هيبة المبدع زياد الرحباني. كل تفاصيل العمل في هذا الحوار.
ما الذي شجعك للمشاركة في مسرحية "مجنون يحكي"؟
في البداية ما شجعني على الموافقة هي الشخصية والنص ولينا خوري بحد ذاتها. لقد وافقت على أداء الدور حتى قبل معرفة هوية الممثلين المشاركين.
لكنه لا يخفى على أحد أن للمسرح بالنسبة اليك مكانة مختلفة!
التعبير عن قضية معينة على خشبة المسرح أمر في غاية الأهمية بالنسبة إلي. فمن خلال المسرح أطبق كل المبادئ والنظريات والمفاهيم التي أخزنها يومياً بالاضافة إلى الابحاث التي أطلع عليه. فضلاً عن الطاقة التي استمدها من الحاضرين والتي لم يعد في إمكاني التخلي عنها وتفاعلهم مع الشخصية. أحتاج إلى تقديم عمل مسرحي سنوياً على الاقل بسبب تعطشي الدائم إلى خشبة المسرح.
جسدت في المسرحية دور نهاد نون تلك السيدة التي دفعت ثمن مواقفها الجريئة وحريتها من خلال السجن. فوجدناها متمردة ناقمة حرة ترفض الخنوع. هل لك ان تطلعينا على القواسم المشتركة بينكما؟
من القواسم المشتركة التمرد على قمع الحريات في العديد من المجتمعات بالإضافة إلى الاصرار على قضيتها. لكننا نختلف على التضحيات التي قدمتها نهاد. ارفض التضحية بنفسي وبعائلتي لتقديم خدمة إلى المجتمع... في السابق كنت منتفضة ومستعدة للتضحية بكل شيء اما اليوم فقد بدلت في قناعاتي لأنني بت على يقين ان الانسان يجب أن يموت سعيداً مختبرة كل لحظة على أكمل وجه.
ينبغي على الممثل أو الفنان الحقيقي ان يحوي في جعبته قضية. فما هي قضيتك التي تدافعين من أجلها؟
كل القضايا التي تتعلق بحقوق الإنسان التي يجهل الكثير منها... وأتساءل عن المكانة التي يجب ان نوضع فيها ليتم احترام متطلباتنا.
في المسرحية يتم القاء القبض على نهاد نون لأنها تجرأت على انتقاد النظام القمعي ويتم وضعك في مستشفى للأمراض العقلية. ماذا لو طلبنا منك كتابة مقال يسلط الضوء على معضلة اجتماعية أو حتى سياسية.
عندها سأسلط الضوء على الإهمال الانساني للمواطن من الجهات الرسمية... اقصد الفقر الذي ترزح تحت وطأته شريحة كبيرة من اللبنانيين وقلة الاحترام على الطرقات. كما يهمني الاضاءة على موضوع سياحي مهم جداً وهو البناء غير المشروع. بالإضافة إلى الفساد وسرقة المواطن مقابل قلة الاحترام وانعدام الامان، إذ بإمكان اي كان ان يغتصبك أو يسرقك او حتى يقتلك خلال عودتك إلى المنزل من دون أن يحرك احد ساكنا لأنه تابع لجهة معينة في البلد.
هل تحملين سلاحاً للدفاع عن النفس؟
كلا، أنا ضد السلاح لأنه لا يولد إلا سلاحاً... أحاول الدفاع عن نفسي بجسدي. أخاف كثيراً من استعمال السلاح لأنني ضد العنف لأنه لا يولد إلا عنفاً.
شكل حلقك لشعرك على "الزيرو" صدمة عند الحضور. هل طلب منك ذلك؟
على العكس انا اقترحت على لينا خوري الفكرة بينما كانت تحدثني عن الشخصية من المرة الأولى فردت لينا متفاجئة "عم تحكي جد شو انت مجنونة أكيد عم تمزحي". وفي الواقع لم اتصور "نهاد" المسجونة والتي تعرضت لكل أنواع العذابات دون حلق شعرها.
كيف تجرأت على الاقدام على تلك الفكرة وهل ترددت؟
ما شجعني على الوقوف امام المرآة والطلب من مصفف شعري حلقه هو دور نهاد بحد ذاته. ولن أخفي عليك بعض التردد الذي انتابني قبل يوم واحد لأنها صعبة جداً كوني ممثلة وقد أجسد أدواراً أخرى. فكان الحل بتحويل الشعر الذي قصصته إلى باروكة استعين بها عند الحاجة.
وكيف لمست ردود فعل الاصدقاء والمقربين منك والناس في الشارع؟
معظم من صادفتهم في الشارع اشاروا إلى الموضوع ورددوا عبارة "شو صاير عليها" أما المقربون مني فتسعون بالمئة منهم دمعت عيونهم عندما شاهدوني. أما والدتي فقد حزنت كثيراً ودخلت غرفتها وانفجرت بكاء. لكن سرعان ما شعرت براحة عندما لاحظت مدى سعادتي بالفكرة وطلبت مني وضعي في حضنها وكأنني طفلة صغيرة لنلتقط صورة تذكرية، حيث أعدت اليها صورة طفولتي.
وماذا قال لك زياد الرحباني؟
"مش عاطلين ايه"؟!
هل من السهل الوقوف أمام زياد الرحباني على خشبة المسرح؟
في البداية وخلال التمرينات لم يكن بالأمر السهل لأنني كنت ارى هالته مستمتعة بوجوده قبالتي شاكرة ربي على وجودي إلى جانبه. لكنني عندما غصت في أعماق الشخصية تخطيت الموضوع ووجدته ممثلاً مبدعاً أمامي. اقدر تواضعه إلى حد كبير وحرصه الدائم على عدم تبديل مزاجي.
بعد تقديم العرض الأول ماذا قال لك؟
كان سعيدا للغاية وابلغني تحيات الناس وتقديرهم لدوري...
تضمنت المسرحية بعض اللطشات للربيع العربي بطريقة غير مباشرة على صعيد فني واخلاقي. فهل كنت مقتنعة بذلك؟
أنا مقتنعة بالنص وبدوري لكنني استوعب الانتقادات السياسية لأنه في نهاية المطاف كل يفكر من منطلق مبادئه السياسية وانتمائه الحزبي.
هل تنتمين إلى حزب معين؟
لا أحبذ فكرة الانتماء إلى أي حزب لأن هدفي العيش بحرية وسعادة.
ماذا تقولين إلى من لم يشاهدوا المسرحية بعد؟
ادعوهم إلى مشاهدتها إذا وجدوا مكاناً واذا لم يتمكنوا من حضورها اعتذر منهم مسبقاً.
albaladonline.com